فصل: تفسير الآيات (48- 49):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (45- 47):

{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)}
أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: بعد الفجر قبل أن تطلع الشمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل...} الآية. قال: ألم تر إنك إذا صليت الفجر كان ما بين مطلع الشمس إلى مغربها ظلاً؟ ثم بعث الله عليه الشمس دليلاً فقبض الله الظل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكناً} قال: دائماً {ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً} يقول: طلوع الشمس {ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً} قال: سريعاً.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: ظل الغداة قبل طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكناً} قال: لا تصيبه الشمس ولا يزول {ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً} قال: تحويه {ثم قبضناه إلينا} فاحوينا الشمس إياه {قبضاً يسيراً} قال: خفيفاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: مده من المشرق إلى المغرب فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس {ولو شاء لجعله ساكناً} قال: تركه كما هو ظلاً ممدوداً ما بين المشرق والمغرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} قال: الأرض كلها ظل. ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس {ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً} قال: قليلاً قليلاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم التيمي والضحاك وأبي مالك الغفاري في قوله: {كيف مد الظل} قالوا: الظل: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس {ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً} قالوا: على الظل {ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً} يعني ما تقبض الشمس من الظل.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية {كيف مد الظل} قال: من حين يطلع الفجر إلى حين تطلع الشمس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {جعلنا الشمس عليه دليلاً} قال: يتبعه فيقبضه حيث كان.
وأما قوله تعالى: {وجعل النهار نشوراً}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال: إن النهار اثنتا عشرة ساعة، فأول الساعة ما بين طلوع الفجر إلى أن ترى شعاع الشمس، ثم الساعة الثانية إذا رأيت شعاع الشمس إلى أن يضيء الاشراق. عند ذلك لم يبق من قرونها شيء، وصفا لونها، فإذا كانت بقدر ما تريك عينك قيد رحمين فذلك أول الضحى، وذلك أول ساعة من ساعات الضحى، ثم من بعد ذلك الضحى ساعتين، ثم الساعة السادسة حين نصف النهار.
فإذا زالت الشمس عن نصف النهار فتلك ساعة صلاة الظهر، وهي التي قال الله: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} ثم من بعد ذلك العشي ساعتين، ثم الساعة العاشرة ميقات صلاة العصر وهي الآصال، ثم من بعد ذلك ساعتين إلى الليل.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وجعل النهار نشوراً} {وجعل النهار نشورا} قال: ينشر فيه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة {وجعل النهار نشوراً} قال: لمعايشهم وحوائجهم وتصرفهم.

.تفسير الآيات (48- 49):

{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49)}
أخرج عبد بن حميد عن عطاء أنه قرأ {وهو الذي أرسل الرياح} على الجمع بشراً بالباء، ورفع الباء بنون فيهما خفيفة.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مسروق أنه قرأ {الرياح نشراً} بالنون، ونصب النون منونة ومخففة.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب في قوله: {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً} قال: لا ينجسه شيء.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني عن سعيد بن المسيب قال: أنزل الله الماء طهوراً لا ينجسه شيء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الماء لا ينجسه شيء. يطهر ولا يطهره شيء فإن الله قال: {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً}.
وأخرج الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: «قيل يا رسول الله انتوضأ من بئر بضاعة؟ وهي بئر يلقى فيها الحيض، ولحوم الكلاب، والنتن. فقال: إن الماء طهور لا ينجسه شيء».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن القاسم بن أبي بزة قال: سأل رجل عبد الله بن الزبير عن طين المطر قال: سألتني عن طهورين جميعاً قال الله تعالى {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً».

.تفسير الآيات (50- 52):

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {ولقد صرفناه بينهم} يعني المطر تسقى هذه الأرض وتمنع هذه {ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفوراً} قال عكرمة: قال ابن عباس: قولهم مطرنا بالانواء. فأنزل الله في الواقعة {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} [ الواقعة: 82].
وأخرج سنيد وابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج عن مجاهد {ولقد صرفنا بينهم} قال: المطر. ينزله في الأرض ولا ينزله في أخرى {فأبى الناس إلا كفوراً} قولهم مطرنا بنوء كذا وبنوء كذا.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا} قال: إن الله قسم هذا الرزق بين عباده، وصرفه بينهم. قال: وذكر لنا أن ابن عباس كان يقول: ما كان عام قط أقل مطراً من عام، ولكن الله يصرفه بين عباده. قال قتادة: فترزقه الأرض وتحرمه الأخرى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: ما من عام بأقل مطراً من عام، ولكن الله يصرفه حيث يشاء. ثم قرأ هذه الآية {ولقد صرفناه بينهم ليذكروا} الآية.
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن مسعود. مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال: كان جبريل في موضع الجنائز فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «يا جبريل إني أحب أن أعلم أمر السحاب. فقال جبريل: هذا ملك السحاب فسأله فقال: تأتينا صكاك مختتمة اسقوا بلاد كذا وكذا قطرة».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله: {ولقد صرفناه بينهم} قال: القرآن. ألا ترى إلى قوله: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً}؟
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {وجاهدهم به} قال: بالقرآن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {وجاهدهم به جهاداً كبيراً} قال: هو قوله: {واغلظ عليهم} [ التوبة: 73] والله تعالى أعلم.

.تفسير الآية رقم (53):

{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53)}
أخرج ابن جرير عن ابن عباس {وهو الذي مرج البحرين} الآية. يعني خلع أحدهما على الآخر فليس يفسد العذب المالح، وليس يفسد المالح العذب.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وهو الذي مرج البحرين} قال: أفاض أحدهما في الآخر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {مرج البحرين} قال: بحر في السماء وبحر في الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله: {فرات} قال: العذب. وفي قوله: {أجاج} قال: الاجاج: المالح.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وهذا ملح أجاج} قال: المر.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال: هما بحران، فتوضأ بأيهما شئت. ثم تلا هذه الآية {هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {وجعل بينهما برزخاً} قال: هو اليبس.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {برزخاً} قال: هو اليبس.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وجعل بينهما برزخاً} قال: محبساً لا يختلط البحر العذب بالبحر الملح.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وجعل بينهما برزخاً} قال: التخوم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن مجاهد في قوله: {وجعل بينهما برزخاً} قال: حاجزاً لا يختلط العذب بالملح، ولا يختلط بحر الروم وفارس. وبحر الروم ملح قال ابن جريج: فلم أجد بحراً عذباً إلا الأنهار العذاب. فإن دجلة تقع في البحر فلا تمور فيه، يجعل فيه بينهما مثل الخيط الأبيض، فإذا رجعت لم يرجع في طريقها من البحر شيء. والنيل زعموا ينصب في البحر.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي في قوله: {وجعل بينهما برزخاً} قال: حاجزاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وحجراً محجوراً} يقول: حجر أحدهما عن الآخر بأمره وقضائه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وحجراً محجوراً} قال: إن الله حجر الملح عن العذب والعذب عن الملح أن يختلط بلطفه وقدرته.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)}
أخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن المغيرة قال: سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن نسب وصهر فقال: ما أراكم إلا قد عرفتم النسب. فأما الصهر: فالاختان، والصحابة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {فجعله نسباً وصهراً} قال: النسب الرضاع، والصهر الختونة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فجعله نسباً وصهراً} قال: ذكر الله الصهر مع النسب وحرم أربع عشرة امرأة: سبعاً من النسب، وسبعاً من الصهر. فاستوى تحريم الله في النسب والصهر.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55)}
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وكان الكافر على ربه ظهيراً} يعني أبا الحكم: الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل بن هشام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله: {وكان الكافر على ربه} قال: أبو جهل.
وأخرج ابن المنذر عن عطية في قوله: {وكان الكافر على ربه ظهيراً} قال: هو أبو جهل.
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {وكان الكافر على ربه ظهيراً} قال: معيناً للشيطان على معاصي الله.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن والضحاك. مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وكان الكافر على ربه ظهيراً} قال: عوناً للشيطان على ربه بالعداوة والشرك.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة {وكان الكافر على ربه ظهيراً} قال: معيناً للشيطان على عداوة ربه.